في ظل البيئة التنافسية سريعة التغيير، تبرز أهمية الاجتماعات كأداة فعالة للتواصل والتعاون بين الأفراد والفرق في المنظمات العامة والخاصة، وتُعد الاجتماعات ضرورية لاتخاذ القرارات السريعة، وحل المشكلات الجديدة، وتبادل الآراء المختلفة، كما أنها تُعزز المشاركة في صنع القرارات، وتسهم في دعم اللامركزية، وتُساعد في تقوية رفع مستويات العمل الجماعي، وتُسهل إلى جانب ذلك تدفق المعلومات، ومع ذلك، فقد تكون الاجتماعات غير فعالة إذا لم يتم التخطيط والتنظيم المسبق لها بشكل جيد.([1])
وبناء على ذلك، ينبغي على أرباب الأعمال والقيادات التنفيذية العليا في المنظمات أن يدركوا بأن الاجتماعات في غالبية المنظمات التي يديرونها قد تقع غالبا في تطرف غير محمود، وذلك أنها إما أن تكون طويلة ومملة، أو منقطعة أو نادرة وفي كلتا الحالتين غير فعالة، ويمكن تناول هاتين الحالتين المتطرفتين فيما يلي:
أولاً: تحرص بعض منظمات الأعمال على عقد اجتماعات طويلة ومملة، مما يؤدي إلى ضياع أوقات العمل وزيادة الشحناء والبغضاء والتنافر بين المشاركين. كما أن هذه الاجتماعات غالبًا ما تناقش قضايا ليست جوهرية، ويمكن إرسالها على هيئة رسائل أو تقارير متابعة بالبريد الإلكتروني أو مجموعات الدردشة. ولعل ما يؤكد ذلك دراسة استقصائية أجرتها شركة "كورن فيري" للاستشارات على (1,945) موظفا، أن (67%) منهم يشعرون أن الاجتماعات الكثيرة كان لها تأثير سلبي على أدائهم في العمل، وأن (34 %) منهم أفاد بأن حوالي خمس ساعات في الأسبوع تضيع في اجتماعات لا طائل من ورائها([2]) .
وقد أدى العمل عن بُعد إلى تفاقم مشكلة الاجتماعات الزائدة، فقد حَلَّتْ المكالمات الافتراضية لمدد تصل إلى نصف ساعة عبر تطبيقات، مثل: تطبيق "ZOOM" محل الدردشات غير الرسمية. وكشفت كلية هارفارد للأعمال عن نتائج تحليل قامت بإجرائه تفيد بأنه على الرغم من أن اجتماعات الموظفين في حوالي (21,500) شركة عالمية كانت في المتوسط أقصر بـ (12) دقيقة مقارنة بما كانت عليه قبل الوباء، إلا أن الموظفين كانوا يحضرون عددا أكبر من الاجتماعات بحوالي ( 13%)، وارتفاع عدد المدعوين للاجتماع زيادة بنسبة 14 في المائة عن السابق، وصحيح بأن تقنية مؤتمرات الفيديو (Video conference) أصبحت أكثر تقدما خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأنه لم تعد هناك حاجة لوجود اجتماعات مقيدة بحجم الغرفة أو عدد الساعات، إلا أنه هناك عواقب كبيرة لفكرة أن الموظف أصبح متاحا للاجتماعات طوال الوقت. ([3])
ثانيًا: على النقيض مما سبق، فإن منظمات أخرى لا تهتم بعقد اجتماعات ولا تؤمن بأهميتها، أو أنها تعقد اجتماعات، ولكن بصفة نادرة ومتباعدة تؤدي إلى زيادة الفجوة بين القيادة والموظفين، الأمر الذي قد يؤدي إلى ظهور جزر أداء منغلقة على بعضها داخل المنظمة ذاتها لتعمل كل منها بمعزل عن الأخرى لتحصد في النهاية انخفاضا في مستوى الإنتاجية مع زيادة في عدد ونوعيات ومستويات مشكلات العمل.
وللخروج من كل ذلك ينبغي أن يستقر في أذهان القيادات العليا وأرباب العمل بأن كلا الأمرين خطأ يجب تصحيحه، والتسليم بأنه قد آن الأوان أن تتم إدارة الاجتماعات بمنهجية تعتمد قواعد ضابطة لتوقيتات ومدد الاجتماعات والتحضير لها وتنظم إجراءات انعقادها وآلية متابعة مخرجاتها مع التركيز على دورية معقولة للانعقاد ومدة لا تزيد عن ساعة للاجتماع الواحد، ولعل اجتماعات كثيرة لا تحتاج لأكثر من ربع إلى نصف ساعة يومياً لتكون مخرجاتها فعالة وبالأخص لتلك الفرق التي يكون عملها يومي ومرتبط بتقديم الخدمة أو البيع للجمهور مثل فرق المبيعات.
الخاتمة:
الاجتماعات أداة مهمة يمكن إدارتها واستخدامها بشكل فعال لتحسين أداء المنظمات. ومع ذلك، من المهم مراعاة الآثار السلبية المحتملة للاجتماعات الطويلة والمملة، وكذلك الآثار السلبية المحتملة لعدم عقد الاجتماعات أو عقدها بمعدلات نادرة. ولقد أحسن الدكتور أكرم العدلوني حينما عرف مفهوم إدارة الاجتماعات بأنها: "القـدرة علـى الاستفــادة مـن الامكانـات البشريـة والمادية المتاحـة لتوجيــه الاجتمــاع وقيـــادة المشاركين فيـــــــه بأقصى كفاءة وأقــل تكلفـــة وأقل وقــت لتحقيق الأهداف المرسومة له بأجود المعاير". ([4])
[1] مغنية حمام وسهام خالد، رسالة ماجستير بعنوان: "إدارة وقت الاجتماعات ودورها في رفع الأداء التنظيمي"، دراسة میدانیة بمدیریة الصحة والسكان لولایة المدیة، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التيسير قسم علوم التيسير، جامعة الدكتور یحیى فارس بالمدیة، الجزائر، 2015-2016م
[2] أليكس كريستيان، مقال منشور على موقع بي بي سي عربي في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، https://www.bbc.com
[3] المصدر السابق
[4] محمد أكرم العدلوني، مادة علمية (عرض باوربوينت) بعنوان: برنامج مهارات ومستلزمات إدارة الاجتماعات، 9/26/2023