المقالات

كيف يمكن لإدارة الموارد البشرية أن تكون شريكاً استراتيجيا للشركة

Image placeholder

د. عبدالملك محمد ملهي

الرئيس التنفيذي

 

مع تسارع تطور الفكر الإداري الحديث الذي أثر وتأثر بالتسارع في ثورة تكنلوجيا المعلومات والمعرفة برزت إدارات الموارد البشرية كأحد التحديات التي واجهتها ولا تزال أعداد كبيرة من الشركات تواجهها، والذي تمثل في بطء إيقاع تحول إدارات الموارد البشرية من الفكر التشغيلي الإجرائي إلى الفكر الاستراتيجي، وبخاصة أن كثير من الأعباء اليومية التشغيلية قد استوعبتها التكنلوجيا عبر برامج واسعة الخيارات.

 وقد تعود أسباب بطء ذلك التحول تعود إلى مشكلات في البنى التحتية في بعض البلدان والتي لم تساعد تلك الشركات في الاستفادة الكلية من تلك البرمجيات، أو المبالغة في أسعار تلك المنتجات التقنية. أو لتعثر الفكر الاستراتيجي لدى كثير من أرباب العمل أنفسهم وبخاصة في الشركات المتوسطة والصغرى والتي تحاول جاهدة أن تنتقل من الفكر التقليدي في إدارة أنشطتها التجارية إلى الفكر الإداري الحديث، وتنتقل من حالة الانغماس في التشغيل دون رؤية مستقبلية إلى التخطيط المبني على رؤى تسهم بفاعلية في تنظيم تلك العمليات وتعظيم نتائجها، واستمرار تراوح جهودها بين المحاولة والسقوط 'هذا ليس على وجه العموم' فالتفكير والتخطيط الاستراتيجي بطبيعتهما محفوفان بالمخاطرة، ويتطلّبا شيئاً من الشجاعة لخوضها. ([1]) ولكن هذا ما تتم مشاهده في واقع شركات ومؤسسات بعض البلدان في منطقتنا العربية.

من هنا تأتي إمكانية الحديث عن كيفية مساعدة إدارات الموارد البشرية (HRMS) لتتمكن من التحول إلى شريك استراتيجيّ في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للشركات. وللإجابة على هذا التساؤل يتبادر إلى الذهن موضوع تغيير طريقة وآلية التفكير، حيث أصبح من الضرورة بمكان أولا على قادة وشاغلي وظائف الموارد البشرية في تلك الشركات أن يحدثوا تغييرا جذريا في الفكر الإداري الذي يتبنوه، لينتقلوا بذلك من فكر التشغيل إلى فكر الاستراتيجيات، ولعل أحد أهم الأسباب التي تحدث ذلك التغيير هو وجود توجه استراتيجي من قبل الإدارات العليا للشركات لتعزيز دور وفاعلية هذه الإدارة الحيوية (HRM) مبتدئين بتغيير نظرتهم هم أولا تجاه أدوار وأنشطة هذه الإدارة المهمة، ثم بالاختيار الأمثل للكفاءات التي ستشغلها وممارسة عمليات تحفيزهم وتشجيعهم وتنميتهم ومَدِّهِم بالموارد التقنية اللازمة لتحويلهم من منفذين كمُدْخِلي بيانات ومحاسبين ومراقبين فحسب، إلى شركاء استراتيجيين حقيقين لكافة رؤساء العمل ابتداء من أعلى هرم السلطة في المنظمة وانتهاء بوظيفة مشرف ومراقب داخل الشركة.

            ولكي يتضح الدور الاستراتيجي لإدارة الموارد البشرية؛ فإنه ينبغي تعريف ماهي إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية، وفي هذا الصدد، يمكن تعريفها بأنها: تلك الأنشطة والعمليات التي تستخدم نهجا شاملا لتشغيل وتطوير أنشطة إدارة الموارد البشرية على المدى الطويل بحيث تكون مدمجة رأسيا مع استراتيجية الشركة وأفقيا مع بعضها البعض. ([2])

            وانطلاقا من هذا التعريف، فإنه ينبغي التأكيد على أن الإدارة الاستراتيجية لإدارة الموارد البشرية، (أي الإدارة بالتوجه والفكر المستقبلي)، Strategic Management of HRM)) ينبغي أن يكون لها استراتيجيتها الخاصة
 (أي توجهها وطريقتها الخاصة) والتي يمكن تسميتها بـ: استراتيجية الموارد البشرية، (
HR strategy) وعند هذه النقطة بالتحديد سيبدأ دورها في أن تصبح شريكا استراتيجيا فعالاً للإدارة العليا للشركة. ولكي تتمكن من ذلك فإنه لا بد لإدارة (HRM) من أن تقوم بالآتي:

  1. المشاركة الفاعلة في رسم الاستراتيجية وأن تكون عضوا مساعدا/ فنيا في أي فريق سيعمل على وضع أو تطوير الاستراتيجية وبناء الخطط الاستراتيجية أو الخطط التنفيذية العامة للشركة.
  2. العضوية الفاعلة كمشارك مع أي فريق أو لجنة لتطوير أو استحداث مشاريع للشركة.
  3. المشاركة الفاعلة في تطوير منظومة اللوائح المتعلقة بالعاملين (إن لم يكن الـ OD- - قسما تابعا لها).
  4. أن تضع الأهداف التي ينبغي أن تقوم بها كإدارة الموارد البشرية لتغطية احتياجات تنفيذ الاستراتيجية والخطط الاستراتيجية للشركة.
  5. أن تحلل وضعها الحالي كإدارة موارد البشرية للوقوف على نقاط الضعف ونقاط القوة فيها.
  6. أن تحدد الفجوة (وضعها الحالي) مقارنة بما ينبغي أن تكون عليها من خلال: تحديد المتطلبات المطلوب أن توفرها الإدارة العليا لها لتحقيق الأهداف التي ستسهم في تمكين الشركة من تحقيق استراتيجيتها وخططها (وفق الأهداف في النقطة -4- أعلاه). وأن تُلَخِّص ذلك على شكل مجموعة أهداف لتطوير الإدارة، مثل: خلق أقسام أو وظائف حديثة في الإدارة، أو توفير أجهزة، أو أدوات أو برامج أو حل مشكلاتها المزمنة التي إن تم حلها سيمكنها ذلك من الانطلاق والتميز.
  7. أن تعمل على المواءمة بين أهداف الشركة وأهدافها كإدارة للموارد البشرية بالاجتماع مع الإدارة العليا لتكون الإدارة العليا مستوعبة الوضع الحالي وما يجب أن يكون عليه إدارة (HRM) لمساعدتها في تحقيق استراتيجيتها، والخروج بقائمة الأهداف النهائية المتفق عليها.
  8. تحويل الأهداف المتفق عليها إلى مسودة خطة تشغيلية لإدارة (HRM)، مرفقا بها الموازنة التقديرية المطلوبة لتشغيل تلك الأهداف.

            ولكي تنجح إدارة الموارد البشرية (HRM) في أن تظل شريكا استراتيجيا فاعلا؛ فإنه ينبغي لها أن تقوم بأدوارها الحديثة في إدارة ورعاية الموهبة والاهتمام بالتعلم والتطوير ، وإدارة وتقويم الأداء، والتحول بأدائها لأعمالها نحو الرقمية في وضع المؤشرات، والتحول الرقمي فيما يتعلق بالتشغيل اليومي للعمليات وبالتركيز على أن تكون الأتمتة هي الوسيلة الضامنة لتخفف عنها أعباء العمل التشغيلي، لتجد الوقت الكافي للانغماس في نشاطها كشريك ومستشار، فإنها ستجني ذلك النجاح، ولكي تضمن الاستمرارية ينبغي لها أن تسعى استراتيجيا لتحويل كل رؤساء العمل في الشركة إلى مدراء للموارد البشرية ليقوموا هم والتقنية بالأدوار التشغيلية اليومية لرعاية موظفيهم وتقوم (HRM) بأدوارها كشريك ومستشار لهم في استقطاب وصيانة ورعاية وتنمية وتقييم المورد البشري.

وخلاصة القول: أن إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية، واستراتيجية الموارد البشرية يمثلا نهجا مميزا لإدارة عمليات تخطيط واستقطاب المواهب وتمكينها والسعي مع القيادة العليا وقيادات الشركة إلى تحقيق ميزة تنافسية من خلال التوجه الاستراتيجي لخلق قوة عاملة شديدة الالتزام قادرة على الإدارة الفاعلة لمجموعة متكاملة من التقنيات الثقافية والهيكلية والموظفين. ([3])

المراجع والمصادر:

[1] سارة حمودة وكرمية عماد الدين، الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية كمفهوم حديث لتحقيق نجاح المنظمات، جامعة البويرة، بحث منشور في 15-06-2023م في المجلة العلمية للحوار الاقتصادي المجلد 02 / العــدد: 01 (2023) ، ص 24-15

[1] سارة حمودة وكرمية عماد الدين، الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية كمفهوم حديث لتحقيق نجاح المنظمات، جامعة البويرة، بحث منشور في 15-06-2023م في المجلة العلمية للحوار الاقتصادي المجلد 02 / العــدد: 01 (2023) ، ص 24-15

 

مراجع أخرى تم الاستعانة بها:

 https://hbrarabic.com

https://ar.wikipedia.org

https://the-arabic-entrepreneur.com

Algerian Scientific Journal Platform (cerist.dz)

https://www.annajah.net

 


[1] حسين حبيب السيد، ما هو التفكير الاستراتيجي؟ ولماذا يحتاجه القادة؟، مقال منشور في مجلة النجاح الإلكترونية في 17/07/2021،  https://ila.io/8pf2E8  

[2] سارة حمودة وكرمية عماد الدين، الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية كمفهوم حديث لتحقيق نجاح المنظمات، جامعة البويرة، بحث منشور في 15-06-2023م في المجلة العلمية للحوار الاقتصادي المجلد 02 / العــدد: 01 (2023)، ص 24-15

[3] إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية كل ما تحتاج معرفته، مقال منشور على صفحة رائد الأعمال العربي، 12 سبتمبر 2022م: https://the-arabic-entrepreneur.com