الانطفاء الوظيفي ( المفهوم – الأسباب – العلاج)
هل تشعر بأنك متعب ومحبط؟ هل تشعر بعدم الرضا عن ذاتك؟ هل تواصل العمل بشكل مستمر في المنزل بعد الدوام وبشكل متكرر؟
هل تشعر بالإجهاد والتعب الجسدي ؟ هل تشعر بالضغط المستمر في عملك؟ هل أصبحت سريع الانفعال وقليل الصبر؟
هل تفقد الحماس والدافعية للقيام بمهامك؟ هل تشعر بالانفصال والعزلة عن زملائك؟
إن كان ذلك كذلك فاعلم بأنك تعاني من الانطفاء الوظيفي؟ الانطفاء الوظيفي ؟ نعم، وهو نتيجة حتمية لسبب رئيس يأتي كمقدمة له، والذي يدعى بالاحتراق الوظيفي، (Job burnout)؟
الاحتراق الوظيفي حالة من الإرهاق النفسي والجسدي والعاطفي تصيب الموظف تؤدي إلى فقد الرغبة في العمل وتترافق مع انخفاض في مستوى الإنتاجية مع شعور بالإرهاق الذهني والنفسي والجسدي والذي ينتج عن التعرض المستمر للضغوط المختلفة في العمل وتكليف الموظف من قبل رؤسائه بمهام كثيرة لا تنتهي، أو استمراره في عمل لفترات طويلة ليس فيه تجديد ولا تطوير سوى روتين عمل يومي ممل وممل جدا.([1])
كما تتعدد العوامل التي تؤثر في حدوث ظاهرة الاحتراق الوظيفي وتتجمع فيما بينها وتتفاعل لتحدث هذه الظاهرة التي تتسم بالتعقيد والتشابك وقد يسهم في ذلك أن لها مصادر متعددة لعل من أهمها: المصادر الشخصية، والمصادر الاجتماعية، والمصادر الطبيعية (الفيزيقية)، والمصادر الاقتصادية والمصادر الوظيفية والمؤسسية. ([2])
وبالحديث عن المصادر الوظيفية المؤسسية، يمكن القول بأن هناك عوامل كثيرة تتسبب في حدوث هذا الأمر لعل من أهمها: الضغوط اليومية في العمل، كثرة المسئوليات مع قلة الصلاحيات، نقص التحفيز والمكافأة، عدم عدالة التعويضات المالية والمادية للموظف مقابل جهوده، ضعف الحياة الاجتماعية في بيئة العمل حيث لا يوجد فيها أي أنشطة غير العمل، الظلم الذي قد يعرض له الأفراد، صراع القيم بين ما يعتقده الموظف وبين القيم السائدة في المنظمة، جمود الوظائف حيث لا توجد ترقيات ولا تدوير وظيفي، نقص التدريب، إلى غير ذلك من الأسباب. ([3])
كما أن الاحتراق الوظيفي الناتج عن الضغوط له آثار سلبية على صحة الإنسان وقد تسبب له الكثير من الأمراض، مثل: الضغط، السكر، القلب، قرحة المعدة ... الخ. حيث تشير بعض المصادر إلى أن هناك علاقة قوية بين الضغوط والأمراض التي يتعرض لها الفرد، وأنها مسئولة عما بين (50-70%) من الأمراض التي يصاب بها الإنسان فهي بحسب ما يصفها بعض الكتاب (القاتل الصامت). ([4]).
ومما ينبغي معرفته بأن "الاحتراق الوظيفي" (Job burnout)؟ لم يكن معروفا حتى 1974م " حيث تم التعرف عليه للمرة الأولى في إحدى عيادات علاج المدمنين والمشردين بمدينة نيويورك من قبل المحلل النفسي الألماني الأمريكي هيربرت فرودينبر غر، حيث لاحظ أن المتطوعين بالعيادة أضناهم العمل الشاق وأوهن عزيمتهم واستنفد طاقاتهم، حتى فقدوا حماستهم في العمل وأُصيبوا بالاكتئاب، وقد وصف فرودينبرغ غر هذه المجموعة من الأعراض بأنها إنهاك بدني ونفسي ناجم عن ضغوط العمل الشاق لفترات طويلة، وقد أسماها "بالاحتراق النفسي"، وقد لاقى هذا المصطلح رواجًا كبيرًا وأصبح في وقتنا الحاضر ظاهرة عالمية. ([5])
وقد أظهرت دراسة علمية حديثة، نفذتها الرابطة الأمريكية لعلم النفس بالاشتراك مع مركز بحوث الرأي الوطني في جامعة شيكاغو، بأن 48% من الأمريكيين عانوا زيادة في معدلات التوتر على مدى السنوات الـخمس الماضية، كما أفاد 31% من المبحوثين بأنهم وجدوا صعوبات في إدارة مسؤوليات العمل والأسرة معًا، كما أكد أكثر من نصف المبحوثين 53% بأن العمل سبب لهم حالة كبيرة من الإنهاك والتعب، وأشار استطلاع للرأي نفذته "جمعية إدارة الموارد البشرية الأمريكية" (SHRM)، بأن "الإرهاق والاحتراق الوظيفي" هو أحد أهم أسباب استقالة الكثير من الموظفين، ويؤكد موقع "بيزنس إنسا يدر" الأمريكي، بأن السبب الرئيسي وراء وصول الموظف لمرحلة "الاحتراق الوظيفي" يكون في الاختلال بين المُدخلات والمُخرجات، أي أن الموظف يعطي لعمله أكثر مما يأخذه منه، مع إهمال الموظف لحياته الشخصية. ([6])
فإن كنت تعاني من انطفاء الحماس والشعور بعدم الرضا وبأنك أصبحت لا تطيق عملك الحالي، فاعلم أنك وصلت إلى حالة صعبة إن واصلت على نفس المنوال فقد تصل إلى الموت الوظيفي وانتهاء حياتك المهنية بغير عائد مجزي على حياتك الشخصية والأسرية والمجتمعية.
وإن كنت بدأت في الشعور بهذه الحالة إما من الضغط النفسي في العمل أو بدء الشعور باللامبالاة بأي شيء في عملك؟ أدرك نفسك ولا تتأخر أو تتساهل، وفي كلا الحالتين إليك بعض الاستراتيجيات التي ستساعدك في التعامل مع كلا الحالتين:
ولكي تنجح في خطتك للتخلص من الانطفاء الوظيفي أو مقدماته وهي الاحتراق الوظيفي فإنه ينبغي عليك الآتي:
إن قمت بذلك ستجد أنك قادر بإذن الله تعالى على إيقاف العوامل المؤدية إلى الاحتراق / الانطفاء الوظيفي أو على الأقل تحد من تغولهما وتوحشها عليك، وهنا يمكن الجزم بأنك إن سعيت لتطبيق ما سبق فإنك ستجد نتائج باهرة بمشيئة الله تعالى وعونه وتوفيقه، لم تكن في حسبانك وربما تكون سببا في ثرائك وخروجك من دائرة أضعت فيها سنين عمرك وقدراتك، وأنك بهذه الخطوة قد أعدت اكتشاف ذاتك وإمكانياتك وأنك قد نجوت وأسعدت نفسك ومن حولك وستكتشف إن شاء الله تعالى بأنك قادر على مواصلة مشوارك المهني والشخصي بجدارة وبنفس مبتهجة وتواقة للعطاء، وعليك بالعمل وفق إمكانياتك التي أتاحها الله لك والرضا بعد ذلك برزقك الذي قسمه المولى سبحانه وتعالى لك فلست مطالبا بأكثر من ذلك.
[1] هارفرد بزنس ريفيو العربية، https://hbrarabic.com
[2] سماهر مسلم عياد، ظاهرة الاحتراق الوظيفي لدى الموظفين الإداريين العاملين في وزارة التربية والتعليم العالي بقطاع غزة - أسبابها وكيفية علاجها ، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية في غزة - فلسطين2010، منشورة على النت ص: 12، https://www.academia.edu
[3] مرجع سبق ذكره: هارفرد بزنس ريفيو العربية، https://hbrarabic.com.
[4] سماهر مسلم عياد، مرجع سبق ذكره ص: 28، https://www.academia.edu .
[5] خالد احمد، الاحتراق الوظيفي كيفية التعامل معه وهل يمكن مقاومته، مقال منشور على جريدة سماء الإخبارية، الثلاثاء 17 نوفمبر 2020م: https://samanews.ps
[6] المرجع السابق: https://samanews.ps