المقالات

لتكن أنت صانع الحلول ومحطم الأحزان قصة وتعليق...

Image placeholder

د. عبدالملك محمد ملهي

الرئيس التنفيذي

أجهشت البنت بالبكاء أمام أبيها فربت على كتفيها قائلا ما بك يا بنيتي .. فشكت له هم العيال وزوجها المريض, وقلت الدخل وكثرة المشكلات اليومية التي تواجهها ولا تدري ما تفعل وأنها على وشك الانهيار .. فتبسم الأب الحنون ثم وضع كفه بكفها واصطحبها إلى المطبخ قائلا .. أي بنية تعالي معي لأزيح عنك ما أنت فيه من الهم وأريك الطريق .. فقالت متسعجبة وهي تكفكف دمعها هل الطريق من المطبخ ؟! فتبسم ثانية وقال بحنان الأب المشفق عليها نعم ...

وفي المطبخ .. وهي تشاهد ملأ ثلاث أوان بالماء ووضعها على نار ساخنة

سرعان ما أخذت الماء تغلي في الأواني الثلاثة

وضع الأب في الإناء الأول جزرا وفي الثاني بيضة ,ووضع بعض حبات القهوة المحمصة والمطحونة (البن) في الإناء الثالث. وأخذ ينتظر أن تنضج وهو صامت تماما ...نفذ صبر الفتاة, هي حائرة لا تدري ماذا يريد أبوها ...انتظر الأب بضع دقائق... ثم أطفأ النار..

ثم أخذ الجزر ووضعه في وعاء وأخذ البيضة ووضعها في وعاء ثان وأخذ القهوة المغلية و وضعها في وعاء ثالث ثم نظر إلى ابنته وقال: يا عزيزتي ,ماذا ترين؟

أجابت الابنة: جزر وبيضة وبن؟!

فطلب منها أن تتحسس الجزرة فلاحظت أنها صارت ناضجة وطرية ورخوة وسهلة الهرس.

ثم طلب منها أن تنزع قشرة البيضة فلاحظت أن البيضة باتت صلبة .. ولما أزالت قشرتها وجدتها صلبة ومرنة في ذات الوقت.

ثم طلب منها أن ترتشف بعض القهوة فابتسمت عندما ذاقت نكهة القهوة. سالت الفتاة : ولكن ماذا يعني هذا يا أبي ؟

فقال معلما إياها: اعلمي يا ابنتي أن كلا من الجزر والبيضة والبن واجه الخصم نفسه ..وهو المياه المغلية

لكن كلا منها تفاعل معها على نحو مختلف فلقد كان الجزر قويا وصلبا ولكنه ما لبث أن تراخ وضعف, بعد تعرضه للمياه المغلية ,أما البيضة فقد كانت قشرتها الخارجية تحم سائلها الداخلي لكن هذا ما لبث أن أصبحت صلبة عند تعرضها للخصم نفسه ( حرارة المياه المغلية). , أما القهوة المطحونة فقد كان رد فعلها فريد.. إذ أنها تمكنت من تغيير الماء نفسه شكله وطعمه ولونه... مستفيدة من الحرارة والغليان.

وماذا عنك؟ هل أنت مثل الجزرة التي تبدو صلبة .. ولكنها عندما تتعرض للألم والصعوبات تصبح رخوة طرية فتفقد قوتها فتذوب وتنتهي..

أم أنك مثل البيضة... ذات القلب الرخو.. لكنه إذا ما واجهت المشاكل تصبح قوية و صلبة مستفيدة من الغليان ودرجة الحرة ومحافظة على نفسها في ذات الوقت. قد تبدو قشرتك لا تزال كما هي.. ولكنك تغيرت من الداخل. فبات قلبك قاسيا ومفعما بالمرارة..

أم أنك مثل البن المطحون. الذي استفاد من قوة خصمه الذي هو الماء الساخن.(وهو مصدر الألم ) ليغيره .....بحيث يجعله ذا طعم أفضل بل وأصبح الماء, الساخن يسمى باسمه هو (قهوة) فإذا كنت مثل البن المطحون فإنك تجعلين الأشياء من حولك أفضل إذا ما بلغ الوضع من حولك الحال القصوى من السوء.

منقوووول.....

قراءة في القصة لأخذ العبرة: (د. عبد الملك ملهي): أن فهم الحياة يتطلب ذكاء في التعامل وصدرا رحبا وواسعا وصبرا وحكمة في التعامل مع المعضلات الحياتية سواء في العمل أو على الصعيد الشخصي والاجتماعي وليس بالضرورة أن يكون الواحد منا ذكيا لأن ذلك يعوض بالأصدقاء والمرشدين من الأباء والأمهات وغيرهم ممن نثق بحكمتهم ومتأكدين من محبتهم لنا .. فحسن اختيار الناصح أولا ثم الصبر والأناة وتقبل الأقدار بسعة صدر وبإيجابية والانطلاق في مواجهتها بيقين أن الله يحبنا وبحسن التوكل عليه سبحانه وبتعلم والإكثار من مهارات الحياة (الاتصال) والتي تمثل حوالي 85 %من النجاح كما تشير إلى ذلك نتائج البحوث والدراسات.

كل ذلك سيصنع منك صانع الحلول ومحطم الأحزان