المقالات

أريد أن أنجح وأحقق ذاتي.. ولكن !!؟؟

Image placeholder

د. عبدالملك محمد ملهي

الرئيس التنفيذي

أريد أن أنجح أحقق ذاتي.. ولكن؟ كيف؟ وما لذي ينبغي علي فعله لأكون ما أريد؟؟!!-

-في خضمّ صخب الحياة، يقف الإنسان على مفترق طرق، حائرًا يبحث عن طريقه نحو النجاح وتحقيق الذات. إنها رحلةٌ شاقةٌ تبدو غامضةً ضبابية تتخللها التحديات. لكنّها رحلةٌ ضروريةٌ لا مفرّ منها، إنها رحلةٌ تُشكّل معالم الشخصية وتُحدّد مسار الحياة.

في هذا المقال، نُسلّط الضوء على تلك الرحلة، ونُقدّم خطواتٍ عمليةً تساعدك على اكتشاف ذاتك وتحقيق أهدافك. خطواتٌ تُسهم معك في تبديد الضباب، وتُنير دربك نحو مستقبلٍ مُشرقٍ مُزهر.

إن هذا السئوال الذي حمل عنوان هذا المقال، ربما تصعب إجابته على الكثير منا، باعتبار أن المستقبل غيب يعلمه الله وحده، بالإضافة إلى وجود عدد من العوامل التي قد تجعل التنبؤ بالإجابة صعبة المنال ولعل من تلك العوامل:

  • اتساع معنى كلمة النجاح واختلاف درجته ومستواه بحسب حالة كُلٍّ منَّا ومستواه الاجتماعي والثقافي.
  • ضعف الثقافة المجتمعية والمدرسية والجامعية في تكوين أطر ممنهجة تساعد النشئ في تجاوز عقبة من أنا وماذا أريد وماذا لدي من إمكانيات، وكيف يمكن أن أستفيد مما لديّ ومتى ومع من؟ مما ينتج عنه جيل من الشباب والشابات الذين يمضون دون رؤية ودون تكوين هدف.
  • غياب دور الدولة في تكوين إطار ناجح مبني على قيم أصيلة وحكم رشيد يقتدي به الشاب ويفخروا به ويولد لدى كل منهم الحافز والرغبة والطموح في أن يكون رائدا في أي من تلك المجالات الناجحة لخدمة نفسه ومجتمعه.

إن الأسباب المذكورة آنفاً ليست هي كل الأسباب فمن المؤكد وجود غيرها سواء عامة أو خاصة بالفرد أو المجتمع، ولعل ما يعنينا هنا أن نتطرق معا إلى ما ينبغي عليك عمله لكي تكون ناجحا ذلك النجاح الذي يحدث التغير الجذري أو يحدث ثورة إيجابية في حياتك سواء كنت فردا عاديا، موظفا ، طالبا، عاملا، تاجرا، مهندسا، معلماـ قائدا، مديرا، ...الخ. وذلك في ظل هذه العوامل التي لا تساعدك على خلق النجاح.

عزيزي: إن النجاح ليس مادة هلامية أو ضبابا لا يمكن الإمساك بها، بل إنه أمر محسوس في كل ما تنجزه في حياتك الشخصية والمهنية، فمجرد تمسكك بالقيم الدينية والمجتمعية القويمة نجاح، ونظرة التقدير التي تحملها لك عيون وقلوب الآخرين نجاح، انقضاء يومك دون مشكلات مع الآخرين (حتى وإن كنت نائما) يمكن أن يحسب نجاح. فالنجاح ليس صعبا وبإمكانك تحقيقه عشرات المرات في اليوم الواحد، حتى وأنت جالس في بيتك، لكن!؟

وأنت تقرأ ما سبق يمكن أن ينقدح في ذهنك سئوال مهم ينبغي أن تقف عنده وتتأمله جيدا وهو:

ما هو النجاح الذي تريده حقا وماهو النجاح الذي سيحقق لك حاجتك من الحياة؟

          قد يعتقد البعض أن كسب المال وحده هو النجاح، وقد يبدو لك صحيحا للوهلة الأولى، ولكنه في الحقيقة ليس صحيحا على الإطلاق، فالمال ليس غاية وإنما هو وسيلة تتحقق من وراء النجاح في موضوعات الحياة المتنوعة والتي تكون سبباً لجلب الكثير منه، فصاحب صوت جميل إن استثمره بشكل جيد قد يدخل عليه المليارات، وصاحب موهبة في لعبة معينة إن اهتم بصقل موهبته قد تجعله يصبح مليونيرا، وقد تجد شاباُّ غنياًّ ولد لأب ثري لا يهمه أمر المال ولا كيف يكسبه بقدر ما يهمه تحقيق نجاح شخصي يرفع شأنه معنويا في المجتمع أو يخلد ذكره بين الناس.

وإذا فتحديد احتياجاتك من النجاحات هو الأساس الذي سيمكنك من تحقيقه، ولذلك ينبغي أن تجلس إلى ذاتك جلست هادئة وتتأمل فيها وفيما مضى من حياتك، وتسأل نفسك هذه القائمة المهمة من الأسئلة الذكية:

  1. ماهي النجاحات التي حققتها في حياتي حتى اليوم على الصعيد الاجتماعي والمهني والشخصي؟
  2. ما هو النجاح الذي كان تأثيره إيجابيا على حياتي (المهنية أو الشخصية أو الاجتماعية) بنسبة كبيرة؟
  3. هل أعتبر نفسي حاليا شخصا ناجحا؟ وإن كان نعم فما هو الدليل، وفي أي من المجالات (الشخصية/ المهنية/ الاجتماعية) وما مستوى هذا النجاح؟ وهل هو الذي كنت أتمناه وأريده أم كان قاصرا؟ وما أسباب قصوره؟
  4. ما هو النجاح الذي أحتاجه حاليا وأطمح إلى تحقيقه؟
  5. ماهي الوسائل التي أمتلكها الآن أو سأمتلكها خلال الفترة التي سأبدأ فيها بتنفيذ هذا النجاح، مثل: ( درجة علمية، مهارات، هوايات، موهبة، مال، لغات، علاقات، ...الخ والتي أملكها الآن)؟ وما نسبة ارتباطها بتحقيق هذ النجاح وما نسبة مساعدتها في تحقيقه؟
  6. هل يتفق هذا النجاح المأمول مع رضا ربي سبحانه وتعالى؟
  7. ما نسبة إيماني بذاتي في تحقيق هذا النجاح؟ وما نسبة رغبتي وتطلعي وحافزي الداخلي لتحقيقه؟
  8. هل السمات والصفات الشخصية التي لدي تسهم في إنجاز هذا النجاح وأيها أقوى وأيها تحتاج إلى تقوية وأيها ليس متوفرا وكيف يمكنني أن أوفره ومن خلال ماذا ومتى وأين وما هي تكلفته؟
  9. هل النجاح الذي أنشده كبيرا ويحتاج إلى تجزئة ومراحل للإنجاز؟ أم يمكن تحقيقه دفعة واحدة؟
  10. منهم الأشخاص الذي يمكنني الاعتماد عليهم بعد الله تعالى في هذا النجاح وما الدور المطلوب من كل منهم تحديدا؟ وما هي الفوائد التي ستعود على كل منهم؟
  11. ما هو الزمن الذي أتوقعه لتنفيذ هذا النجاح؟ وماهي أماكن التنفيذ المتوقعة؟
  12. ماهي المخرجات النهائية التي أتوقعها من هذا النجاح لو تحقق؟ وما هي الآثار المادية والمعنوية التي سأحصدها؟ وهل سيحقق قفزة هائلة تحقق رغبتي منه؟ وماهو الأثر الكلي على حياتي الشخصية والمهنية؟
  13. ما هي الآثار السلبية على من حولي والتي ينبغي أن أعمل حسابها من البداية للحد منها أو منعها؟ (مثل: اضطرار للسفر وترك العائلة وحدها ...الخ).

يحتاج الأمر منك إلى تكوين قائمة استبيان من خلال هذه التساؤلات وما يمكن أن تضيف عليها من خبراتك وحسب احتياجك، وأن تجيب عليها بإجابات مفتوحة وصريحة ودقيقة مع ذاتك، وبعد تكوين الإجابات التي تكون راضٍ عنها تماما؛ فإنك تحتاج إلى أن تشارك هذا النجاح (الحلم) مع أقرب الناس إليك ( زوجه، أب ، أم، أخ ، ولد ، صديق، مدرب، معلم ..الخ ) المهم أنك تثق به أنه سيشجعك ويسهم معك في إخراجه كخطة حياتية لتحوله إلى هدف محدد وواضح المعالم وتضع أمام كل إجابة قلت فيها أنه متوفر تماما لديك تضع كيفية ومتى ستستخدمه وأين وتكلفة الاستخدام. وفيما يخص كل ما يمكن توفيره أكتب مصادر التوفير الممكنة ومتى وأين وبكم؟ وماهو والحل البديل لو تعثر ذلك ومن أين ومتى وممن من وما تكلفته؟

وإن لم يكن متوفرا لديك أو لا يمكنك الحصول عليه فما الذي يجب عليك فعله لإيجاد بديل يساعد ولو بالحد الأدنى في إنجاح هدفك (النجاح الذي تأمله) ومن أين ومتى وممن وما تكلفته؟

ثم تحتاج إلى أن تجلس إلى شخص ذو خبرة في التخطيط لتحول معه ما سبق إلى خطة متكاملة تصنع من خلالها نجاحك الذي سيحقق لك تلك الآمال العريضة التي تتمناها.

وعليك أن تتذكر أن لكل شيء ثمن، وثمن الوصول إلى تحقيق نجاحك ( حلمك) هو الصبر والمصابرة والمثابرة وعدم الاستسلام للعقبات والمرونة في التعديل لما لا يمكن تحقيقه والمشاورة والتحديد الدقيق لما ترغب أن تفعله والقراءة (المعرفة) حول ما تريد أن تفعله (النجاح المأمول) والآخذ بالأسباب، مثل:

  • اختر بعناية مجموعة من سير الناجحين والعظماء في أكثر من مجال وخصوصا المجالات التي تعشقها وقراءتها بعمق وكتابة العبر المستخلصة من كل قصة نجاح والفوائد التي ستستفيد منها والسلبيات التي ستتجنبها في مشوارك الجديد في النجاح.
  • صاحب الناجحين واجلس إليهم لأخذ المعرفة وكسب الطاقة الإيجابية منهم وما أجمل ماقيل:

       إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم     ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي

وفي الأمثال: من جالس جانس، والصاحب ساحب، والطبع لص، والطباع تسرق من بعضها.

  • انزع كلمة فشل من قاموسك وأبدأ بتغيير النظرة إلى الذات فكل واحد منا يمكنه أن يفعل ويستطيع النجاح لأن النجاح ليس مادة يمكن احتكارها والدليل أن كثير من المشهورين في شتى المجالات والكثير من الأغنياء كانوا أفقر منك بل بعضهم أشد فاقة من أفقر فقير ربما في العالم، ثم أصبح من تعرف الآن.
  • ضع خطة بمشاركة خبير حتى وأن دفعت فيها مالا.
  • انتبه لاستمرار الحافز الداخلي (الرغبة الملحة في النجاح) وأن ترتبط تلك الرغبة بالتفاؤل والإصرار على النجاح وعدم الاستسلام مع كل عقبة تواجهك خلال سيرك.
  • تَحَلَّ بالشجاعة والإقدام في كل عمل تخطط له واترك التردد وخذ بالتوكل على الله.
  • اترك الحسد ونافس بشرف ولا تخبر بنجاحاتك وأسرارها لمن لا تثق فيهم أو تشك بأنهم لا يودون لك الخير، أو لا يستطيعون كتم الأسرار.
  • لا تتحدث مع الآخرين دائما عما تريد تحقيقه بل فاجئهم بما تحقق.
  • تحل بالقيم والفضيلة (القيم ثم القيم ثم القيم) ولا تجعل القيم المادية هي ما تبحث عن تحققه فقط.
  • أكثر من الدعاء لنفسك بل وألح فيه على الله تعالى موقنا بالإجابة واطلبه من أرحامك وخصوصا الوالدين.
  • احتفل بكل نجاح صغير تحققه من الخطة والمرونة في التطبيق بمشاركة خبير (وهم كثر هذه الأيام) حتى تتجاوز العقبات التي تقف أمامك بهذه المرونة.
  • راقب تقدمك باستمرار ووثق الأخطاء وكيفية علاجها وقيم ثم عدل الخطة وواصل التنفيذ.
  • لا تقترض لتحقيق حلمك فالدين وتواريخ الأقساط لن يمكناك من صنع حلمك لأن حلمك يحتاج إلى مدة طويلة لتصل إليه، وقديما قالوا: "ما بُنِيَتْ صنعاء بيوم" والدين هم بالليل يحبطك ومذلة بالنهار تُنْقِصُ قَدْرَك.

كل ذلك بإذن الله سبحانه وتعالى سيوصلك إلى تحقيق ذلك الحلم الذي لم يكن واضحا لك وهاهو الآن أصبح خطة كاملة بين يديك وغدا ستراه بين يديك مستقبلا زاهرا مليئا بالخير والسعادة لك ولمن حولك وستجني ثماره وتكون بذلك قد حققت ذلك النجاح المأمول.

ولكن .. !؟ اعلم يقينا بأن النجاح ليس مقصد وغاية نهائية واحدة بل هو محطات لحظية ويومية وأسبوعية وشهرية وربع أو ثلث سنوية وسنوية تمكنه من أن يواصل الحياة ويحقق فيها المقصد النهائي الأسمى الذي أرداه الله سبحانه وتعالى لهذا الإنسان وهي إعمار الأرض كخليفة يليق بإرادة ربه سبحانه وتعالى الذي قال عنه " ولقد كرمنا بني آدم" فإياك أن تتخذه غاية وأن تسنى الغاية التي خلقك الله من أجلها.

فإليك أخي / أختي ممن لم يخطط أو لم يبدأ في ذلك .. هل قررت أن تبدأ الخطوة الأولى؟ .. فإذا كانت إجابتك بنعم .. أقول لك مبارك عليك النجاح مسبقا، وإن لا .. فمتى؟؟!! ولماذا التأجيل؟؟!! فالعمر فرصة واحدة ، وقطار العمل لا يتوقف والفرص لا تتكرر، والموت لا يمهل أحدا...؟

.. أرجو لك النجاح والتوفيق دائما وأبدا..